طالَ الفِراقُ فشفَّ الحزنُ أركاني ** وسطَّر الدمعُ فوقَ الخدِّ أشجاني
وصار جسمي عليلاً من فراقكمُ ** كأنني قبسٌ من روحِ إنسانِ
ليت الذي خلَّد الذكرى وخلَّدكم ** بداخل القلبِ مُرَّ البعد أنساني
يا طفلة الورد لا أبكي على طللٍ ** ولا أنوحُ على رسمٍ وجدرانِ
فدوركم في بلادِ القلب باقيةٌ ** لم يعْفُهَا عاصفٌ أو رمل نسيانِ
قد صرتُ أسكنُ أشعاري وأنشدها ** والبدرُ والليلُ والأحزانُ جيراني
والوقتُ يشعلُ ساعاتي فيحرقني ** والصدرُ مضطرمٌ من حَرِّ نيراني
أمضي إلى كلِّ ركنٍ كان يجمعنا ** يومًا ليُسمعَني أصداء ألحاني
سمعتُ حين دخلتُ الروضَ أغنيةً ** من طائرٍ خلتُه للروضِ ينعاني
كأنه واقفٌ يقول وا أسفا ** لم يغرسِ العمرُ فيهِ غير أحزانِ
لكنني أبذر الآمال في كتبي ** علّ الحصاد يكونُ بعضَ سلوانِ
أنادمُ الشعرَ أحيانًا فيتركني ** في آخر الليل كالإصباحِ نشوانِ
أرى بهِ صورة اللقيا فأعرفها ** فالرسمُ رسميَ والألوانُ ألواني
كم ذوبتني كتاباتٌ أطالعها ** منكم فأصبح والأطياف سيَّان
أكاد من فرط أشواقي ألاحقكم ** عبر المدى سابحًا من غير جثماني
كم تكتبون "تذكرنا بغربتنا" ** وجددِ الودَّ من آنٍ إلى آنِ
لم ننسكم أبدًا يومًا لنذكرَكُم ** إنَّ التذكرَ يأتي بعد نسيانِ