إمام في الحديث
كان
الإمام مالك من أئمة الحديث في المدينة، يقول يحيى القطان ما في القوم أصح
حديثا من مالك كان إماما في الحديث، قال الشافعي قال محمد بن الحسن أقمت
عند مالك ثلاث سنين وكسرا وسمعت من لفظه أكثر من سبعمائة حديث فكان محمد
إذا حدث عن مالك امتلأ منزله وإذا حدث عن غيره من الكوفيين لم يجئه إلا
اليسير.
قال
ابن مهدي أئمة الناس في زمانهم أربعة الثوري ومالك والأوزاعي وحماد بن زيد
وقال ما رأيت أحدا أعقل من مالك.
محنة الإمام مالك
تعرض الإمام مالك لمحنة وبلاء بسبب حسد ووشاية بينه وبين والي المدينة جعفر
بن سليمان ويروى أنه ضرب بالسياط حتى أثر ذلك على يده فيقول إبراهيم بن
حماد أنه كان ينظر إلى مالك إذا أقيم من مجلسه حمل يده بالأخرى، ويقول
الواقدي لما ولي جعفر بن سليمان المدينة سعوا بمالك إليه وكثروا عليه عنده
وقالوا لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت بن
الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز عنده قال فغضب جعفر فدعا بمالك فاحتج
عليه بما رفع إليه عنه فأمر بتجريده وضربه بالسياط وجبذت يده حتى انخلعت
من كتفه وارتكب منه أمر عظيم فواالله ما زال مالك بعد في رفعة وعلو، وهذه
ثمرة المحنة المحمودة أنها ترفع العبد عند المؤمنين وبكل حال فهي بما كسبت
أيدينا ويعفو الله عن كثير ومن يرد الله به خيرا يصيب منه وقال النبي (صلى
الله عليه وسلم) كل قضاء المؤمن خير له وقال الله تعالى {ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين} (محمد:31) وأنزل الله تعالى في وقعه أحد قوله {أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند أنفسكم}(آل عمران:165) وقال {وما أصابكم من مصيبة فبما كسب أيديكم ويعفو عن كثير} (الشورى:30)
فالمؤمن
إذا امتحن صبر واتعظ واستغفر ولم يتشاغل بذم من انتقم منه فالله حكم مقسط
ثم يحمد الله على سلامة دينه ويعلم أن عقوبة الدنيا أهون وخير له.
تراث الإمام مالك
عني
العلماء بتحقيق وتأليف الكتب حول تراث الإمام مالك، وما زال العلماء قديما
وحديثا لهم أتم اعتناء برواية الموطأ ومعرفته وتحصيله
وفاة الإمام مالك
قال
القعنبي سمعتهم يقولون عمر مالك تسعا وثمانين سنة مات سنة تسع وسبعين ومئة
وقال إسماعيل بن أبي أويس مرض مالك فسألت بعض أهلنا عما قال عند الموت
قالوا تشهد ثم قال {لله الأمر من قبل ومن بعد}
(الروم:4)، وتوفي صبيحة أربع عشرة من ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة
فصلى عليه الأمير عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله
بن عباس الهاشمي.